مشروع جديد وفريد من نوعه بكل ما يحدثه من تغيرات وتحولات، لم تشهده من قبل احياء زغرتا القديمة، هذه الاحياء التي هي نواة وروح المدينة التي طالما كان قاطنوها وزوارها قد إعتادوا على طرقاتها وجدران ابنيتها وهي بنفس الشكل واللون ليفاجأوا بأنها تدثرت بطرحة جديدة بعد البدء بتنفيذ مشروع ترميمها وترتيبها وتجميلها بعدما ظلّت لقرون وأجيال متروكة في حال سبيلها، في وقت كانت بأمسّ الحاجة لاعادة تأهيل مبانيها وطرقاتها وبنيتها التحتية كذلك ترميم بعض المعالم الاثرية التي تُعتبر اساساً في هوية وتراث المدينة المارونية بامتياز، وأبرزها كنيسة “سيدة زغرتا” الأثرية التي تحفر في وجدان الزغرتاويين والتي بُنيت عام 1607 وهي على الطراز الماروني الصرف إضافة الى متحف يوسف بك كرم، السوق القديم، نهر المرداشية ودرب الطواحين.
ان الحالة الكارثية في هذه الاحياء شكلت منذ سنوات هاجسا لدى إبن البلدة كارلوس عبود لناحية الهوية والوجود والتراث، فإنطلق بمشروعه بالترميم مخططاً وواضعاً استراتيجيات مفصلة ودقيقة لتطوير هذه الاحياء واضفاء الحيوية والنشاط عليها. آملاً أن يحوّل هذا المشروع الضخم حارات زغرتا القديمة الى لوحة فنية بحيث تصبح مقصدا لإبنائها والسيّاح وبالفعل وانكبّ على العمل ليلا ونهارا واضعا كل الامكانيات المتاحة امامه بدون أن يوفّر اي جهد لاستكمال مشروع الترميم مع عدد من الاشخاص الذين رافقوه وكانوا داعمين له ولمشروعه.
موقع “احوال” جال في الاحياء المستهدفة بوضع اللمسات الجديدة حيث بدا الفرق واضحا منذ البدء بتنفيذ المشروع الذي يؤكد مُطلقه انه مستمر بالترميم والتجميل والترتيب طالما توجد أيدٍ خيرة.
وكيل الوقف في مدينة زغرتا والناشط في أكثر من مجال تنموي المونسينيور اسطفان فرنجيه أثنى على عمل عبود وعمل كل انسان يهتم باحياء زغرتا القديمة لافتاً إلى أنه دعم الفكرة والمشروع من خلال الإتصال بمديرية الآثار عندما رأينا ان هناك بيوت تستحق ان تكون تحت اشراف المديرية حيث كلّف المدير العام المهندس سركيس خوري المديرة الاقليمية للبنان الشمالي سمر كرم بزيارة الأحياء وتم التوافق ان يَجرى مسح شامل للمنطقة فأوكلنا المهمة إلى مهندس الآثار المرمم الدكتور هاني قهوجي – جنحو للقيام بالدراسات التي قام بتغطيتها النائب طوني فرنجيه.
اما رئيس بلدية زغرتا السيد انطونيو فرنجيه فاشار الى أن خطة المشروع وضعت بالأساس من قبل الجامعة اللبنانية أثناء ولاية المجلس البلدي السابق ولم تذهب الى التنفيذ لانها كانت تحتاج لاموال كثيرة، فاكمل المبادرة كارلوس عبود وهو ينفذ ما هو قادر على تنفيذه بمساعدة المجتمع المحلي، مشيداً بتميز المشروع وقال: نحن نؤيده طبعا مشددا على ضرورة ان تراعي عمليات الترميم شروط معينة من ناحية الالوان لتحافظ على الارث الزغرتاوي.
من جانبه شارك اتحاد بلديات قضاء زغرتا بترميم موقع في حي السيدة القديم ضمن الامكانيات المتاحة حيث قال رئيسه السيد الزعني خير:” من قيم الاتحاد كما من اساسياته بان يشارك بمشاريع عامة، خاصة انها تشمل احياء قديمة والتي بامكانها ان ترد الرونق الاثري القديم للمنطقة”.
اسماء الدويهي التي تقطن وعائلتها منذ سنين طويلة في احد منازل تلك الحارات قالت لموقع “احوال”: نأمل ان تساهم اعمال الترميم بجعل هذه الاحياء القديمة اكثر حيوية ونشاطا. وأضافت: انه من المشاريع المهمة ونتمنى ان يُكتب له النجاح وان يحدث تحولا، لافتة إلى أنه يجب ايلاء تلك الأحياء ما تستحق من اهمية بعد الاهمال الكبير الذي طالها. كذلك ان سوق زغرتا القديم واذا تم العمل عليه بالشكل الصحيح يمكن ان يصبح من اجمل وانشط الاسواق في لبنان على غرار اسواق اخرى لها اهميتها ومكانتها على الخارطة السياحية اللبنانية.
اما تراز دحدح فقالت: هذا المشروع كان له اثر ايجابي على احيائنا، الترميم والتجميل والترتيب من اهم الامور التي يمكن ان تؤدي مستقبلا الى تطوير هذه المنطقة من الناحية الاقتصادية والسياحية، وتضيف: ليس هناك اجمل من ان نرى كل شي جميل امام اعيننا.
فرغم كل الازمات وكل ما يدور حولنا يبقى الاهم الحفاظ على هويتنا ووجودنا وكل ما تبقى من تراثنا، ورسم السياسات ووضع الخطط وايجاد الدعم اللازم من خلال الوزارات المعنية، مع الامل بان يكون هذا المشروع بداية لمشاريع اخرى تمتد لباقي المناطق بدعم وتمويل اضخم للحفاظ على وجه لبنان الموغل في التاريخ.
مرسال الترس
